بسم الله الرحمن الرحيم.
أفتتح معكم المناقشة بمقدمة بسيطة لنتعرف على الطب الحقيقي، يمضي الطالب في كليتنا 6 سنوات ولم يتابع مريض ولا يعرف من الطب إلا تسميع ، في بلاد أخرى في سنته الثانية الطالب يتعلم طريقة أخذ القصة السريرية والفحص الفيزيائي، ثم يكون عليه في سنته الثالثة في الطب أن يتسلم المريض منذ قبوله ويتابعه يومياً ويضع خطة التشخيص والعلاج ويناقشها مع الطبيب المشرف، ويقترح الاستشارات من الأقسام الأخرى –قد تكون الطالب المسؤول عن الاستشارة لتأتي وتفحص وتعطي رأيك وتعود وتناقش المختص- ، ثم يتابع مريضه بأعراضه القديمة أو أي أعراض جديدة، بنتائج فحوصاته وتحول حالته، حتى يتم تخريج المريض وهنا عليه أن يكتب ملخصاً عن hospital course، يتكلم فيه بإيجاز عن كل ما جرى، لماذا قبل وماذا طرأ ولماذا أخرج.
هذه مقدمة لنقاشاتنا القادمة .. لابد منها، كي يفهم المتابع ماذا نقصد بالكلمات التي سنستخدمها ضمن نقاشاتنا، وما هي الأغراض التعليمية التي يجب أن نركز عليها.
أعراض، علامات، تشخيص تفريقي، الفحص التشخيصي الأولي، الفحص التشخيصي الذهبي، الفحص التشخيصي الأمثل، العلاج الأولي، العلاج الأمثل، H&P note، Progress note.
يأتيك المريض إلى العيادة (سواءً الخاصة، أو في المشفى)، أو إلى الإسعاف في المشفى، وذلك حسب حدة حالته:
* ففي الحالة الأولى –العيادة- لا تكون حالة حادة في معظم الأحيان لكنها قد تكون وبالتالي عليك إحالته إلى المشفى،
* بينما في الحالة الثانية –الاسعاف- تكون الحالة حادة أو مزمنةٌ اشتدت الآن، وهنا عليك التقييم فقد تعالج في الإسعاف وتخرّج المريض (هجمة ربو حادة)، أو تقبله في المشفى للتشخيص أو العلاج أو مجرد المراقبة (مريض بألم صدري قلبي الشكل، التخطيط غير وصفي تقبله في المشفى 24 ساعة لمراقبة الأنزيمات القلبية وعودة الأعراض وتغيرات التخطيط).
كنت في عيادتك أو في الإسعاف، فإن المريض سيأتيك بــــ "أعراض Symptoms –يذكرها لك: ألم، سعال، صعوبة بلع، سيلان أنف-" وعند الاستجواب تبدأ بالتفصيل في هذه الأعراض، ومن ثم التحصيل على "العلامات Signs –أنت تسألها وتراها بالفحص السريري: شحوب، يرقان، وذمة".
هذه مجتمعة توجهك للتشخيص/ لأن لكل مرض أعراض وعلامات خاصة به.
لكن قد تتقاطع عدة أمراض في عرض واحد، فكيف يمكن أن نصل للتشخيص؟
علينا أن نضع قائمة لكل الأمراض التي تسبب هذا العرض.
لنأخذ مثالاً:
مريض بـ "ألم صدري" –عرض- ، في الإسعاف.
فوراً يجب أن يرتب مخك "التشخيص التفريقي" لـعرض: "الألم الصدري" -أي قائمة الأمراض التي تعطي نفس هذا العرض- ، وهو:
1 - المتلازمة الإكليلية الحادة ACS (احتشاء العضلة القلبية أو ما نسميه الجلطة –انسداد شرايين مغذية للقلب-، أو خناق غير مستقر –مجرد تضيق غير منتظم في الأوعية القلبية)
2 - تسلخ الشريان الأبهرAortic dissection
3 - التهاب العظم والغضروف لأحد الأضلاع Costochondritis
4 – التهاب تامور القلب –الغشاء المحيط بالقلب- Pericarditis
5- ذات الرئة –التهاب رئة- Pneumonia
6- الريح الصدرية –هواء بين الرئة وجدار الصدر- Pneumothorax
7- ذات الجنب –التهاب الجنب وهو الغشاء المغطي للرئة- Pleurisy
8- أسباب هضمية
هذا ما يسمى التشخيص التقريقي وهي مجموعة من الأمراض تحوي صفات متشابهة (هنا مثلاً كلها تسبب ألم صدري)، لكن يجب ترتيبها حسب الاحتمالية من الأعلى للأدنى، وذلك عن طريق التفصيل في "القصة المرضية" للمريض.
تتضمن القصة المرضية "تفصيلا في صفات العرض الأساسي" (هنا مثلاً الألم الصدري)، فكل مرض من الأمراض السابقة يسبب ألماً صدرية، لكن كل له صفات خاصة به.
وأخذ صفات العرض هي عملية ليس عشوائية، فلها قواعد، ومن قواعد قصة "الألم بشكل عام" نسأل عن:
- مكان الألم (فالاحتشاء في الأيسر، وتسلخ الأبهر في المنتصف، والريح الصدرية بحسب المكان ....)
- انتشار الألم (فالاحتشاء ينتشر لليد اليسرى والفك السفلي، وتسلخ الأبهر للظهر...)
- شدة الألم على سلم من 1-10 (فألم الاحتشاء وتسلخ الأبهر شديدين، بعكس غيرهما...)
- نوع الألم ( فالاحتشاء ضاغط، والتسلخ ممزق، .....)
- مدة الألم ( فمنها المستمر ، ومنها المتقطع ...)
وفي الألم الصدري بالذات نسأل عن:
علاقته بحركات التنفس ( 5-6-7 يشتد مع كل شهيق)، بعكس الباقيين لا علاقة لهم بحركات التنفس
علاقته بالحركة (4 يزداد بالاستلقاء، ويخف بالانحناء للأمام)
وهكذا نستطيع أن نبني تصوراً عن الأمراض الأكثر احتمالاً، ونبدأ بإعادة ترتيب التشخيص التفريقي السابق حسب مواصفات العرض المأخوذ.
مثلاً:
- ألم الاحتشاء: ألم ضاغط أيسر الصدر، ينتشر للذراع اليسرى والفك السفلي، شدته 7-10\10،
- بينما ألم تسلخ الأبهر: ألم ممزق، ينتشر للظهر، شدته 7-10\10،
وهذا كان هدف مادة الأعراض والتشخيص، أن تتناول أعراض كل جهاز، وتعلمنا كيف نقاربها بحيث نضع التشخيص التفريقي ثم نتوجه عبر أخذ المواصفات إلى تشخيص معين أكثر احتمالية.
-----------------------------------------
في معظم الأحيان يأتي المريض بعرض رئيسي –كالألم الصدري في الأعلى-، و"أعراض أخرى مرافقة" تابعة لنفس الجهاز أو لأجهزة أخرى، وهو ما يفيدنا في التوجه للتشخيص:
أي أن كل مرض يعطي عدة أعراض، جاءنا المريض بأحد الأعراض، اعرف الباقيين لتستنتج المرض (ربما تقاطع مرضان بهذا العرض، لكن بقية الأعراض ستكون منفصلة).
( الاحتشاء: يرافقه التعرق وصعوبة التنفس، بينما
تسلخ الأبهر: ترافقه أعراض عصبية،
التهاب الرئة: يرافقه سعال منتج لقشع ملون –بلغم- .......).
لذلك ننتقل للسؤال عن الأعراض المرافقة ، ويجب التفصيل فيها أيضاً والسؤال عن مواصفاتها كما فصلنا في العرض الرئيسي –هنا الألم-، فوجود سعال مثلاً يستدعي التفصيل في:
فترة بدء السعال، منتج لقشع أم لا، مترافق بدم أم لا –وكل شيء له دلالة-،
قد تجدون الأمر معقداً في البداية لكنه أبسط مما تتخيلون (سعال مدمى => سرطان رئة، سل، توسع قصبات، التهاب قصبات، تضيق تاجي: خلصوا) لو جاء السعال المدمى مع ألم صدري ونقص وزن عند مدخن نفكر بالأول، لو عند مريض إيدز نفكر بالثاني – يعني common sense متى ما حفظتوا هالكم معلومة صرتوا ملوك.
وهنا تتغير الأرقام في ذهننا ويبدأ التشخيص يزداد وضوحاً.
- ألم الاحتشاء: ألم ضاغط أيسر الصدر، ينتشر للذراع اليسرى والفك السفلي، شدته 7-10\10، يترافق بتعرق شديد مع زلة تنفسية (صعوبة أخذ نفس).
- بينما ألم تسلخ الأبهر: ألم ممزق، ينتشر للظهر، شدته 7-10\10، يترافق بأعراض عصبية واختلاف النبض بين الطرفين.
ننتقل في القصة السريرية لعوامل الخطر المحيطة بالمريض (من قصة عائلية في الاحتشاء، أو ارتفاع ضغط في التسلخ والاحتشاء، أو تدخين في الاحتشاء، أو مخالطة لمرضى في ذات الرئة، أو سوابق إصابة بإنتان تنفسي علوي فيروس –بالاختصار:جريب- في التهاب التامور ...)
وبالتالي صارت القصة المرضية ذات هيكل واضح:
1- القصة الحالية (العرض بصفاته وأعراضه المرافقة).
2- مراجعة بقية الأجهزة –كما ذكرنا الأعراض الأخرى- (أذكر كل جهاز له أعراض وما علينا هنا إلا أن نراجع أعراض كل جهاز لنتمكن من ربط القصص مع بعضها)
a. بشكل عام: الحرارة، التعب، الشهية ونقص الوزن
b. الصدري: السعال، الزلة التنفسية –صعوبة التنفس
c. القلبي: الألم الصدري
d. البطن: الغثيان والإقياء، الإسهال أو الإمساك، عسرة البلع، الألم البطني، البراز الزفتي، التقوط المدمى - كل واحدة تقارب بطريقة منهجية سأتناولها معكم بإذن الله عندما نبدأ بجهاز الهضم، وسنعتبر أننا لم ندرس أعراضاً وتشخيص ونبدأ من الصفر-.
e. الجهاز البولي: صعوبة التبول Dysuria، ضعف الرشق البولي، ....
f. الجهاز الهيكلي (عضلات ومفاصل): آلام، تحدادت حركة .....
g. الجهاز العصبي: سنذكره في حينه
3- القصة المرضية السابقة (ارتفاع ضغط، سكري، انتان تنفسي علوي فيروسي.......)
4- القصة الجراحية (في حال وجود عمليات جراحية قديمة)
5- القصة العائلية (احتشاء بعمر مبكر، سرطان في العائلة، مريض ذات رئة في العائلة ....)
6- الأدوية التي يستخدمها المريض حالياً
7- القصة الشخصية (عادات المريض: تدخين ، كحول، استعمال عقارات وريدية "هيروئين" أو وجود وشم– فعند مريض نزف هضمي علوي لديه أحد العاملين السابقين ينبغي أن نفكر بتشمع كبد ناحم عن التهاب كبد C الذي نتقل بالإبر الوريدية الملوثة...)
8- القصة التحسسية (لمعرفة إن كان المريض يتحسس من دواء ما، فنتجنب إعطاءه).
- ألم الاحتشاء: ألم ضاغط أيسر الصدر، ينتشر للذراع اليسرى والفك السفلي، شدته 7-10\10، يترافق بتعرق شديد مع زلة تنفسية (صعوبة أخذ نفس)، عند مريض كبير بالعمر مدخن، لديه سوابق مرضية لسكري وارتفاع ضغط وارتفاع شحوم دم، وقصة عائلية مبكرة لأمراض قلب إكليلية.
انتهينا من القصة المرضية (الحكي اللي بتلاقوا الدكتور عم يحكيه مع المريض وعم يسجل ملاحظات)، ويكون علينا الانتقال للجزء الثاني من القابلة مع المريض وهو: "الفحص السريري" .
يساعد الفحص السريري في ترتيب أدق لأرقام التشخيص التفريقي، كون كل مرض لديه علامات –لم نعد نقول أعراض- مميزة بالفحص: مثلاً
في مثال الألم الصدري بالأعلى:
لو جسينا الصدر وتألم المريض=> التشخيص هو رقم 3 (الوحيد الممض- الألم عرض بينما المضض علامة- ).
لو سمعنا خراخر –غرغرة- عند الإصغاء لحركات التنفس بالسماعة => التشخيص هو 5
لو قرعنا الصدر فوجدنا الناتج طبلية (بوم .. بوم )=> التشخيص هو 6 (هواء تحت مكان الطرق)
وهكذا..
أيضاً الفحص يجب أن يكون منهجياً وكما غيره له قواعد ثابتة، قواعده هي التالي (قريبة من مراجعة بقية الأجهزة، لكن هنا علامات وليس أعراض):
1- العام: حالة المريض العامة، هل هو متوجه للزمان والمكان والأشخاص والحالة الصحية له.
2- العلامات الحيوية، وهي:
a. الضغط(مقياس الضغط الزئبقي)، النبض (عدد مرات دقات القلب بالدقيقة)، معدل التنفس (عدد حركات التنفس بالدقيقة)، الحرارة، وفي وحدة خامسة مين بيعرفها؟
3- الجلد: تأمل (طفح، كتل، توذم ...)
4- الرأس، والعينين، والأذنين، والأنف والحنجرة (HEENT- Heade,Ear,Eye,Nose,Throat)
5- الرقبة: تأمل (JVP الضغط الوريدي الوداجي، كتل ...)، إصغاء (السباتي)
6- فحص الرئتين: التأمل (تشوهات صدرية)، الجس (مضض-ألم بالجس)، الإصغاء(سماع أصوات الرئة، سماع أي أصوات إضافية)، قرع الصدر (وضاحة طبيعياً، وأصمية دج .. دج في حال وجود ماء، وطبلية بوم .. بوم في حال وجود هواء).
7- فحص القلب: التأمل (صدمة القمة)، الجس (صدمة القمة، هرير)، الإصغاء(أصوات القلب الطبيعية، وجود أي أصوات إضافية، أي نفخات ....) ، لا قرع.
8- فحص البطن: التأمل، الإصغاء (أصوات الأمعاء الدقيقة)، الجس(سطحي للألم والكتل السحطية، وعميق للضخامات الحشوية: كبد وطحال)، القرع (طبيعياً طبلية بوم .. بوم –إلا إذا آكل ..مزحة).
9- الفحص العصبي: سنذكره في حينه.
10- فحص الأطراف: تبقرط الأصابع، وذمات ....
----------------------
القسمان معاً القصة السريرية History، والفحص الفيزيائي Physical Exam يسميان:H&P
العلامات أيضاً لديها تشخيص تفريقي( هناك لائحة من الأمراض التي تسبب يرقان، أو شحوب، أو ضخامة كبد ...)
حسناً، بعد ذكر كل ما سبق، يجب أن تضع تقييماً للحالة (تشرح بما تشك-كما فعلنا في الأعلى)، وخطة للعمل (تشخيصية وعلاجية مبدئية) فالتشخيص أصبح واضحاً بنسبة كبيرة، لكن الأمور ليست بهذه البساطة، فكثيراً ما يأتي مريض بألم صدري لا يشبه ألم الاحتشاء لكن عوامل الخطورة لديه (أبوه مات بعمر 40 وأمه ماتت بعمر 50 باحتشاء، وهو مدخن ومريض ارتفاع ضغط ل40 سنة، وعمره الآن 60 سنة) لذلك يجب أخذ الاحتشاء بعين الاعتبار ولو كان الفحص أو القصة غير موجه 100% إليها، وكمثال آخر في 4% من الحالات يكون ألم الاحتشاء ممض بالجس (كما في التهاب العظم والغضروف الضلعي) =>
لذلك يجب تأكيد التشخيص بطلب: مخبريات، صور شعاعية، خزع ......
بوجد ما يسمى: Best initial step in Manegment (ما هو اول تدبير تفعله للمريض؟ قدي كون علاجي أو تشخيصي حسب الأولوية).
كما يوجد ما يسمى "في الفحوصات طبعاً" : Best initial step in Diagnosis
ما هو الاختبار التشخيصي الأولي الذي يجب أن تقوم به.
مظبوط، في احتشاء القلب القثطرة اختبار تشخيصي رائع، لكن هل نبدأ بها عند مريض يشك بأن لديه احتشاء؟
كلا، اختبارنا التشخيصي الأول هو: ECG.
وفي كل مرض أو عرض تقريباً هناك اختبار تشخيصي أول ، واختبار تشخيصي ثاني وثالث، وذهبي(لا نقوم باستخدامه في كل الأحيان)، مثلاً:
القلس المريئي المعدي (حوامض المعدة تقلس للمري): اختبار قياس PH المري لـ24 ساعة هو الأمثل للتشخيص، لكن لا نضطر للوصول إلى هذه المرحلة في كثير من الأحيان، وتستخدم وسائل أبسط وأسرع قبله.
الفحوصات أيضاً لديها تشخيص تفريقي (هناك لائحة من الأمراض التي تسبب ارتفاع الكرياتينين).
يعني بكل بساطة، تيخلوا ساحة جريمة، نريد أن نعرف القاتل نبحث عن أي دليل يمكن أن يدلنا عليه (شعرة، بدك تسأل عن مواصفاتها=> قائمة المشبوهين، قطعة ثياب، كمان بدك تسأل عن مواصفاتها-وأكيد بأسئلة تختلف عن أسئلة الشعرة=> قائمة المشبوهين، بصمة=> قائمة المشبوهين ... ومن ثم نقاطع القوائم لنصل للمجرم الذي يتكرر اسمه في أكثر من قائمة)
(أعراض مختلفة بصفاتها الفريدة، علامات مختلفة ، مخبريات مميزة .... => وصلت لتشخيص المرض الأكثر احتمالاً).
نتقل إلى العلاج بعد ذلك، وهناك أيضاً أنواع:
فهناك العلاج الأولي، وهناك العلاج الأمثل، وهناك العلاج العرضي-يعالج الأعراض لكنه لا يطيل بقيا المريض وفق الدراسات- (الديجوكسين في قصور القلب)، وهناك العلاج الذي ينقص الوفيات –يطيل البقيا- (ACEI,BB في قصور القلب).
وكلها محط أسئلة الأطباء، والامتحانات، والمرضى.
حاولوا عندما تدرسوا أي مرض أن تضعوا أجوبة لكل هذه الأسئلة (أعراضه، علاماته، فيزيولوجيته المرضية، اختباره التشخيصي الأول والأمثل، علاجه الأول والأمثل، ما ينقص الأعراض، وما يطيل البقيا، ماهي الخطوة الأولى في تدبيره هل هي علاجية أم تشخيصية).
نعود لمريضنا الذي جاء في الإسعاف بألم صدري يترافق بزلة تنفسية وتعرق، وتخطيط قلب كهربائي غير وصفي لاحتشاء، وفمنا بقبوله لمراقبة أنزيمات قلبه التي قد ترتفع خلال 24 ساعة،
عليك تدوين هذا كله فيما يسمى:H&P note (تتضمن: القصة المرضية –بكل الأقسام المذكورة في الأعلى، الفحص الفيزيائي، النتائج المخبرية والشعاعية الأولية ، التقييم –نشك مريض احتشاء- والخطة –سنقبله لمراقبة تخطيطه وانزيماته-).
المريض سيقبل في شعبة الداخلية (الباطنة العامة: كل أنواع مرضى الباطنة قلبيين، صدريين، هضميين، كلية، .... )، إلا إذا كان مرضه أكبر من مستوى الداخليين فإنه يقبل فوراً في الشعبة المختصة ( مريض كلوي شديد => فوراً إلى شعبة الكلية، مريض احتشاء واضح => إلى شعبة القلبية)، فالطبيب الداخلي يختص بعد انتهائه في القلبية أو الصدرية، أو يبقى في الداخلية -بعكس نظامنا الجديد من البداية تدخل قلبية أو داخلية أو صدرية....
لنبق مع مريضنا الذي قبل في شعبة الداخلية في صباح اليوم التالي عليك كطبيب أن تذهب لتطئمن عليه، وتكتب ما يسمى عن Progress note أو SOAP note:
وهي بعد قبول المريض في المشفى وتهدف لـأن تقيماً سريعاً لتطور الحالة، دون عودة للتفاصيل –مدخن أم سكري أم كحولي ....- ، تتكون من 4 أقسام: SOAP
Subjective: لمريض يقول:
- كيف حال المريض اليوم بشكل عام.
- كيف حال أعراضه(الرئيسي والمرافقة): هل هي في تحسن أم مازالت على ما هي عليه
- هل يوجد أي أعراض جديدة حدثت ليلاً؟
Objective : أنت تبحث:
أولاً : الفحص السريري والعلامات الحيوية طوال الليل (الممرضات بيكونوا عم ياخذوهن كل ساعتين: اكتب أصغر و أكبر قيمة).
ثانياً: المخبريات الجديدة
ثالثاً: نتائح الفحوص المطلوبة.
A/P: التقييم والخطة، فتقول:
وهي تحديث الخطة السابقة، وكل التطورات بناء على المعطيات الجديدة من مخبريات ونتائج واستشارات.
------------
لنتخيل أن هذا المريض أو اي مريض في المشفى ارتفع كرياتينينه بشكل كبير فجأة ولم نعرف (كأطباء داخلية، أو قلبية، أو صدرية...) ما يجري، هنا علينا أن نطلب استشارة لأطباء الكلية –الكرياتينين هو احدى سموم الجسم التي تطرحها الكلية، وهو مؤشر على عملها وارتفاعه يعني تدهور وظيفتها-.
هنا على هذا الطبيب أن يكتب ما يسمى Consult note، يأخذ فيها قصته الخاصة، ويقترح فيها تقييمه وخطته (كونه الاختصاصي).
يمكن أن نعرض الطب بإحدى طريقتين:
- نمسك الأعراض (وهي محددة وليست عشوائية،/ في كل جهاز تقريباً يوجد 5 أعراض، ولدينا حوالي عشر أجهزة، أي أنها 50 عرض، كعرض تدريسي سيكون علينا:
* أولاً أن نعرف كيف نسأل عن كل عرض "الألم" أو "السعال".
* أن نعرف التشخيص التفريقي لكل عرض.
ثم ننتقل للعلامات ونعيد نفس الكرة.
- نمسك مرض مرض، ونتحدث عن: أعراضه، وعلاماته، ومخبرياته، ووسائل تشخيصه .....
كل من الطريقتين لها إيجابيات وسلبيات وهي حالة فردية تتبع للعرض أو للمرض، لذلك سننتقي الطريقة حسب العرض أو المرض، مثلاً سنتناول الأنيميا كمرض، وسنتناول النزوف كعرض (نتكلم من خلاله عن الأمراض التي تسببه)، ومرد ذلك إلى أن هذا العرض محدد وتشخيصه التفريقي واضح ومثبت.
كل السابق (الأعراض، العلامات، التشاخيص التفريقية، وسائل التشخيص وترتيبها، العلاجات وتأثيرها) مبنية على قاعدة من الأساسيات، من نسج وفيزيولوجيا، وفيزيولوجيا مرضية، وعلم أدوية، وتفاعلات كيميائية ..